الجمعة، 21 نوفمبر 2014

المدرسة العربية للسينما والتلفزيون السيناريو 2

مقاومة السينما للتليفزيون 
 أصبح المتفرج يعرف أنه لكي يرى السينما ، فلابد من ترك المنزل للذهاب اٍليها ، ولابد من اٍنفاق بعض المال لمشاهدتها ، أما التليفزيون فيستطيع أن يراه بدون مقابل وفي أي وقت يشعر فيه برغبة في ذلك . وبات السينمائيون متأكدون أن هناك عدة أمسيات من كل أسبوع تستبعد فعلاً كليالي سيئة في شباك التذاكر بسبب عروض التليفزيون الناجحة . وهكذا سلب التليفزيون من السينما مركزها الفريد كمسل ضخم بواسطة الأفلام السينمائية.


وشعرت السينما بالمنافسة القوية ، وكانت عليها أن تواجه هذه الأزمة حتى تستعيد بسرعة جماهير المتفرجين داخل دور العرض. وكانت تطمأن نفسها اٍلى أن الناس يحبون أن يخرجوا من بيوتهم بحثاً عن الترفيه . وفي دور السينما يستطيعوا أن ينسوا مشاغلهم وهمومهم وروتين العمل وأن يصبحوا لبضع ساعات جزاءً من الجمهور ، وهذا شيء لا يستطيع التليفزيون أبداً أن يهيئه للمتفرج. ولذلك اتجهت في البداية اٍلى  الإنتاج الكبير والأوسع والأعلى صوتاً والأكثر ضخامة ، وقدمت الأنظمة المختلفة التي تعتمد على فرد الصورة وعلى الشاشة العريضة  , فقد كانت مستعدة أن تفعل أي شيء لمضاهاة شاشة سينمائية تقلص حجمها اٍلى واحد وعشرين بوصة ، ووضعت في غرفة الجلوس . فكان اللجوء اٍلى الجديد غير المألوف وكان في شكل "السينراما Cinerama " فباستعمال كاميرات وآلات عرض متعددة ، مع اٍحاطة الجمهور بشاشة ضخمة تم تكبيرها اٍلى عشرة أضعاف حجمها العادي ، يتم تقديم عرض بصري يثير العجب . ثم كانت الأفلام الثلاثية الأبعاد  Thee -Dimension- pictures ، والتي كانت تلزم المتفرجين بوضع نظارات خاصة ثلاثية الأبعاد أيضا ، لتساعد على تجميع الصور المتفرقة المعروضة على الشاشة بواسطة تخفيف التدرج اللوني بينها . ومع نجاح السينراما المحدود نظراً لتكلفة المعدات اللازمة لها ، وعدم الإقبال الكبير على الأفلام ذات الأبعاد الثلاثة والتي لم تعش طويلاً ، ظهرت السينماسكوب Cinema Scope، والتي زادت من عرض الشاشة بنسبة اٍثنين الى خمسة , وكان فيلم الرداءThe Rope  أول اٍنتاج لشركة فوكس القرن العشرين بالسينماسكوب "  . وبالإضافة اٍلى السينماسكوب كان شكل البنافزيون وأفلام 70 مللي ، ورافقهم الصوت المجسم أي"الستريوفونيك " ثم تأكدت السينما أنه اٍذا أريد لجماهير المتفرجين الرجوع اٍلى السينما فاٍنها بحاجة اٍلى أفلام ضخمة ذات طابع ملحمي ، فكان فيلم  كوفاديس 1953 اٍخراج ميرفن ليردي . ـ والذي تكلف اٍنتاجه في ذلك الوقت أكثر من خمسة ملايين دولار واشترك فيه أكثر من خمسة آلآف كومبارس, وما لايقل عن عشرين أسد , واثنين من الغوريلآ , ثم تلتها بفيلم بن هير ثم فيلم كيلوباترا . ولم تكتفي السينما بالموضوعات التاريخية ذات المعارك الضخمة, والمجاميع الكبيرة , والقصور الفخمة , والألوان الطبيعية بل اٍنها تركت للتليفزيون الموضوعات التقليدية التي لا يستطيع أن يعالجها ،أوحتى يفكر في معالجتها كموضوعات الجنس والاٍنحرافات الجنسية ، كما أنها قدمت أفلام العنف وملاحم الكوارث والخيال العلمي ، وهكذا عمدت اٍلى ممارسة حرية التعبير التي لديها اٍلى أقصى حد. 
في النهاية نتسآءل هل العلاقة بين السينما والتليفزيون هي مجرد علاقة تنافس على نفس جماهير المتفرجين،وأن نجاح أحدهما يعني زوال الآخر؟ أم هي علاقة تقارب وتكامل وأن أساسها واحد هو الصورة والتي قال عنها جويدو أستياركو : اٍن فن الصورة هو فن الحاضر والمستقبل  . . . في الواقع اٍن حاجتهما المشتركة وأساليبهما المتشابكة تجعلهم في علاقة متبادلة متكاملة لا تنفصم تماماً كالزواج الكاثوليكي ، حتى أن المخرج أنطونيوني قال : أستطيع أن أقول من بعد لينين ان السينما والتليفزيون أهم الفنون لنا "  .فالسينما تفيد من الإمكانيات المتاحة للانتشار والاتصال مع الجماهير الواسعة بعدم تجاهلها وسيلة رائعة تبلغ بها الملايين بل عشرات الملايين في آن واحد هي التليفزيون . بل اٍن السينمائيون يتعلمون كل يوم طرقاً جديدة لتطوير اٍنتاجهم ولزيادة أرباحهم من خلال هذا الجهاز . بل اٍنهم أصبحوا يسعون جادين اٍلى تصوير أفلام ومسلسلات للتليفزيون تستخدم فيها كبار مؤلفيها ومخرجيها ونجومها مما جعل أنطونيوني يعلق " من السهل أن يتخيل المرء أن أدوات الاتصال الجماهيري سوف تتغير . وهو حين قال ذلك كان قطعاً يفكر بالألكترونيات ،أي أن شريط الفيديو يمكن أن يحل محل شريط الفيلم السينمائي . هناك اٍذن توافق بين السينما كأداة توصيل اٍلى جماهير شديدة الاتساع. 
وفي النهاية وكما تقول الجملة الشهيرة "بقدر ما يصنع الفيلم الجمهورـ يصنع الجمهور الفيلم , فبقدر ما يؤثر الفيلم السينمائي أو التليفزيوني في الجمهور فيشكل ضميره ويغير عاداته ويحول قناعاته . فاٍن الجمهور يشارك في صنعهما بما يتحقق فيه من رغبات متصورة له . والجمهور الحالي لم يعد الجمهور الجامد القديم .الذي يمكن اٍرضاؤه ببساطة وبطريقة بدائية على المستوى الجمالي .بل صار قوة فاعلة يحسن وضعها في المسار الخلاق لحرية الثقافة ذاتها . اٍذن المشكلة ليست في اجتذاب الجماهير الواسعة ،بل هي قضية الخلق الفني بالذات . 
مقدمة
علي كل نص أن يجد صوته الخاص، أي أن يكون عنده مفهومه المستقل والخاص لبناء القصة وتطورها. ويمكن لكاتب السيناريو أن يختار موضوعه من الحياة اليومية وتجاربها، أو أن يكون الموضوع من محض الخيال وأعاجيبه، أو أن تتضمن القصة عنصراً , أو حدثاً تاريخياً ,أو موضوعاً فنياً مثيراً. أو ربما فضل كاتب السيناريو أن يعتمد في نصه علي مصدر آخر مثل عمل أدبي. المهم أن نعرف أنه لا توجد أبداً قصة جديدة مائة بالمائة. حتى لو كان الكاتب يقدم القصة بشكل مجدد ومثير فإن أغلب الظن أن أحداً قد سبقه بشيء ما مشابه. ومع وضع كل هذا في الاعتبار فإن الكاتب يستطيع بعمله الجاد ومهارته أن يخلق نصاً مثيراً منمقاً. 
نوع الفيلم
Genre
روائي Narrative . . . تسجيلي Documentary . . .  تجريبي Experimental .

أولا ً: الفيلم الروائي : Narrative
هدف الفيلم الروائي هو إمتاع المتفرج. ويعتمد تصنيف الأفلام علي حسب نوعها. وكل نوع له عناصره المخصصة للقصة، وللشخصيات، والبناء، والفكرة. فمثلا تشترك الأفلام الرومانسية في خواص تتعلق بمشاكل الشخصية والأفكار. والمشاكل التي تواجه الشخصية في فيلم الحركة تختلف عن الفيلم الرومانسي.
ونوع الفيلم هو الذي يحدد ما يتوقعه المتفرج من الفيلم. فإذا ما اكتشف المتفرج أنه يشاهد فيلم حرب بدلا من فيلم الرعب الذي يتوقعه فسوف تحدث مشكلة. فالمتفرج يعرف تماما الخصائص العامة المميزة لنوع الفيلم الذي يرغبه، لذا فسوف يدرك فورا إذا ما كان الفيلم خارجا عن هذا الإطار النوعي للفيلم أم لا. وكتابة السيناريو تتطلب الحرفية العالية في كتابة النوع الذي تعمل عليه. 
تعتبر أفلاما مثل الأب الروحي، وإنقاذ الجندي رايان، والغريب، وفي السينما العربية أفلام مثل شروق وغروب، والزوجة الثانية، والقاهرة 30، علامة في السينما لأنها لم تتوقف على الاستجابة إلى توقعات المتفرج، بل استطاعت أن تتخطاها.
وأنواع الأفلام كثيرة، لكن القائمة لابد أن تكون مختصرة لتكون نافعة:
أشهر أنواع الأفلام  : Popular Genres
1- أفلام الحركة والمغامرة Action and Adventure :
وتتضمن قصص المطاردة، والدفاع عن الحياة، والإنقاذ .
2- أفلام الرسوم المتحركة Animation :
وتتضمن قصصاً ذات أبطال كارتونية أو عرائس أو صور مصممة من خلال الكومبيوتر.
3-أفلام الصداقة Buddy Movies
و هي أفلام الثنائيات أو الPartnership ,  وتتكلم عن مغامرات يخوضها شخصان و غالبا ما يكونا ضابط و زميله أو ضابط و لص و تدور في قالب كوميدي مثل أفلام   Midnight run ,Showtime و أفلام الثنائي بد سبنسر و تيرانس هيل .
4- أفلام الكوميديا Comedy: 
وهي الأفلام التي تبعث علي الضحك، وتتضمن إما أفعالا غريبة معروضة بطريقة فكاهية أو قد تشمل أمورا أكثر تعقيداً في الحياة.
5- أفلام المراهقة  Coming of Age : 
وتشمل القصص التي تتضمن مرحلة الوصول إلى النضج.
6- أفلام الجريمة Crime : 
وتشمل قصصاً حول التجسس والمخبرين وجرائم القتل.
7- أفلام بوليسية Cop : 
وهو فرع من أفلام الجريمة حيث يكون التركيز فيها علي رجال الشرطة.
8- أفلام درامية Drama : 
وتتضمن العلاقات المتبادلة بين الأفراد وأحداثا اجتماعية وتاريخية.
11- الأفلام الملحمية : Epic 
تستمد  أحداثها  من التاريخ أو من الميثولوجيا عن الأحداث البطولية و الملحمية كالحروب , مع الإهتمام بالديكور و المجاميع الضخمة مثل فيلم الملحمة المسيحية Ben Hur  لوليم وايلر , و فيلم سبارتاكوس لستانلي كوبريك. ويندرج تحت هذا البند أيضا أفلام الBiopic أو أفلام السير الذاتية مثل ناصر 56 أو أيام السادات , أو The life of Emile Zola .
12- أفلام العصابات Gangster : 
وهي مستوي من أفلام الجريمة ويكون التركيز فيها علي منظمات الجريمة. مثال : الرفاق الطيبون لسكورسيزي 
13- أفلام الرعب Horror : 
وتتعامل مع القوي الغامضة والخارقة للطبيعة والوحوش.
14- أفلام الرومانسية  : Romance 
وتتضمن القصص الرومانسية.
15- أفلام موسيقية Musical: 
وتتضمن القصص التي تغني فيها الشخصيات وترقص. و قد بنيت معظمها علي مسرحيات برودواي الغنائية مثل شيكاجو , قصة الحي الغربي , كاباريه  
16- أفلام الغموض : Mystery 
وتعتبر مستوي آخر من أفلام الجريمة، حيث يكون الشرير غير معروف معظم الفيلم.
17- أفلام الرحالة Road : 
وتتضمن قصص السفر إلى المصيرمثل فيلم Easy rider 
18- أفلام الخيال العلمي : Science Fiction 
وتشمل القصص التي يكون فيها العلم أو المستقبل هو المركز. 
19- أفلام الكوميديا الرومانسية : (Screwball Comedy (Romantic comedy
وتضم القصص التي تجمع بين الرومانسية والفكاهة. مثل فيلم زواج أعز صديقاتي 
20- أفلام المغامر الطائش  : Swashbuckler 
وتشمل قصص المغامرة والقرصنة ومعارك السيوف. مثل أفلام : قناع زورو و قراصنة الكاريبي 
21- أفلام الإثارة : Thriller 
وتضم قصص الجريمة. و هيتشكوك هو أستاذ هذا النوع 
22- أفلام الحرب : War 
تضم قصص المعارك الحربية وقصص الإنقاذ والهروب. مثال الهروب الكبير , إنقاذ الجندي رايان 
23- أفلام الغرب الأمريكي : Western 
وتضم قصص الغرب القديم ورعاة البقر والهنود الأمريكيين. مثل : الطيب و الشرس و القبيح 
24-الأفلام السوداء : Film Noir 
غالبا ما تتناول موضوعات الجريمة المنظمة و فساد المجتمع و إنهياره القيمي و النقاد الفرنسيون هم الذين أطلقوا هذا التعبير علي هذه النوعية من الأفلام .و قد بدأت هذه الأفلام بموضوعات تتناول عصابات المافيا و الجريمة المنظمة مثل لمسة الشر Touch of Evil لأورسون ويلز , عدو المجتمع  Public Enemy ل وليم أ.وليم  ثم تطورت ما بعد حرب فيتنام لتصبح أفلاما تنقد المجتمع الأمريكي مثل سائق التاكسي Taxi Driver لمارتن سكوريسيزي و Chinatown لرومان بولانسكي , Falling Down السقوط لجول شوميكر و Fight club نادي الشغب لديفيد فينشر ...... و القائمة طويلة. و في مصر أرض الخوف لداوود عبد السيد   
25-أفلام المحاكاة الساخرة : ( Spoof (Parody Movies                                                      
و هي التي تسخر من أشهر الأفلام في قالب كوميدي و من أشهر المخرجين الذي إبتدعوا هذةه النوعية Mel Brooks في أفلام مثل  Young Frankenstein الذي يسخر فيه من أفلام الرعب و Men in tights  الذي يسخر من أفلام روبن هود.
26-أفلام الفنتازيا Fantasy Movies
أفلام الأساطير أو قصص الجن و السحرة و الحيوانات التي تتكلم و بلاد العجائب . ويظهر إختلافها عن أفلام الخيال العلمي في إنها لا تتعمد علي قاعدة علمية بل تعتمد علي القصص الشعبية و الأساطير القديمة و تلقي هذه النوعية من الأفلام نجاحا شديدا في العالم. مثل Harry Potter ,Alice in Wonderland ,Lord of the Rings  (سيد الخواتم) لص بغداد The thief of Baghdad 

ثانياً : الفيلم التسجيلى (أو الوثائقية) Documentary 
لا تتناول هذه الأفلام الوقائع الخيالية، بل تتعامل مع أحداث الحياة الحقيقية، والتي تشمل أشخاصا وأماكن وظروفا معينة. وإلي حد ما تعتبر الأفلام التسجيلية نوعاً من الأفلام في حد ذاته، بالرغم من أن شكلها وطريقة معالجتها تختلف كلياً عن الأفلام الروائية.
وفي صناعة الأفلام التسجيلية لا تستطيع أن تتدخل في الأحداث، وإلا سوف تتأثر نتيجة الحدث وتفقد مصداقيتها. وتغلب السرعة علي العاملين في هذه الصناعة بالإضافة إلي التكلفة المادية والتكنيكية البسيطة مقارنة بغيرها من الأفلام الروائية. وقد تقدمت الأفلام التسجيلية كثيراً في السنوات الماضية. ويحتوي هذا النوع علي بعض المستويات الفرعية، منها علي سبيل المثال وليس الحصر:
1- الحفريات  Archeology
2- الاقتصادية  Economic
3- التعليمية    Education
4- البيئية   Environment
5- العائلية    Family
6- الصحية   Health
7- التاريخية  History 
8- حقوق الإنسان Human Rights
9- العدالة Justice
10- السياسية Politics
11- الدينية Religion
12- العلمية Science
13- الجنسية Sexuality 
14- الاجتماعية Social

ثالثاً: االفيلم التجريبى Experimental 
تعتبر الأفلام التجريبية من أنواع الأفلام العالية الخصوصية، والتي تشمل قدراً كبيراً من التجريد والرمزية. وهي تعتبر كالأفلام التسجيلية نوعاً قائماً بذاته علي الرغم من الاختلافات الجذرية بينها كالأفلام الروائية.
وفي الأفلام التجريبية، قد تكون معاني المشاهد أو الأفكار وحتى القصة نفسها غير واضحة للمتفرج. والممتع هنا هو أن المتفرج يتأرجح بين مختلف المشاعر، والأفكار لترك مساحة كبيرة للتفسيرات. لذا فإن المتفرج هنا يعمل علي قدم المساواة مع صانع الفيلم حتى يدرك معناه.
وتستخدم الأفلام التجريبية الكثير من الرمزية، فكما تؤثر الصور والأصوات علي الجانب الوجداني للمتفرج، يجب أن تلعب الرمزية دورها علي الجانب الفكري للمتفرج قبل العاطفي . لذلك تختار تلك العناصر الرمزية باهتمام خاص . ويجب أن تكون ملائمة للقصـة مهما بلغت درجة رمزيتها أو تجريدها.
وبسبب الطبيعة الغامضة والمؤثرة للأفلام التجريبية، فإن المتفرج غالباً ما يجد صعوبة بالغة في تخطي طبيعة ما اعتاد عليه في الأفلام الروائية والتسجيلية، إلى فهم المعني الرمزي للأفلام التجريبية. وفي الحقيقة تلقي الأفلام التجريبية متابعة ضعيفة مقارنة بالنوعين الآخرين. 
ومن الأفلام التجريبية المعروفة السحر الخفي للبرجوازية لبونويل, ساتيركون لفلليني , العشاء العاري لكرونبرج و الرأس الممسوحة لديفيد لينش 
مصــادر السيناريو 
Sources of Scenario
بادئ ذي بدء في حديثنا عن كتابة القصة السينمائية يجب أن نعلم بأنه لا جديد على الأرض وهناك قول مأثور يقول "لا جديد تحت الشمس".وعلى ذلك فيجب على الكاتب – في رحلة بحثه عن الأفكار السينمائية – أن يستلهمها من مصادر خارجية .. وقلما نجد من قام بتأسيس فكرة من لا شيء .والمصادر التي يستقي منها الكاتب فكرته كثيرة ومتنوعة وتظهر موهبة الكاتب في اختيار المصدر ثم الفكرة ثم تطويرها من خلال وجهة نظره الخاصة، وإضافة أبعاد جديدة لها مصداقاً للقول الشائع "بأن نبدأ من حيث انتهى الأولون".والفيلم الروائي كما نعلم يعتمد على القصة السينمائية , وهي بدورها تعتمد على الأفكار المختارة والمنتقاة من عدة مصادر متنوعة ، وسوف نتناولها بالتفصيل فيما يلي :
أولاً : الأعمـال الأدبية
وهي تعتبر من أهم المصادر التي يستلهم منها كاتب السيناريو أفكاره السينمائية. وتتنوع الأعمال الأدبية ما بين القصة القصيرة , أو الرواية الطويلة , أو النص الأدبي ,أو المسرحي , أو المقالات الأدبية الصغيرة.وأهم ما يصادف الكاتب عند إعداد سيناريو عن قصة أدبية أو رواية هو مشكلة الإختيار .. إختيار ماذا يأخذ منها وماذا يترك وكذلك ماذا يضيف وماذا يحذف.. وغالبا ما تكون المشكلة الرئيسية أمامه هي الشكل الأدبي البحت للقصة، (الشكل البنائي والأسلوبي). فلا يوجد وجه للمقارنة بين النص الأدبي والنص السينمائي، فالنص الأدبي يعتمد على استخدام الألفاظ في التعبير عن الأفكار والأحداث والوصف وكل شيء، كما للكاتب الروائي حرية خالصة في وضع أفكاره باستخدام ما شاء من الأوصاف والأفعال اللفظية. أما الكاتب السينمائي فهو مضطر إلى استخدام الصورة والحركة والصوت، وعليه أن يحول صفحات من الوصف اللفظي للمشاعر والأفكار إلى صورة متحركة حية. 
وقد سئل نجيب محفوظ عن رأيه في مدى تعبير الأفلام المأخوذة عن رواياته عن أفكاره، فقال إن تحويل العمل الأدبي إلى سينما معناه أنه الآن يعبر عن صناع الفيلم وأفكارهم، لا عن أفكاره هو. ومن ثم فإن كاتب السيناريو، وإن استلهم أفكاره من نص أدبي، فهو لا يعتبر مجرد تابع لمؤلف النص يلتزم بحذافير قصته ولا يخرج عنها، وإنما له أن يستخدم ما شاء من الأفكار والصور المعبرة في إطار الشكل السينمائي.
وعلى ذلك فيجب على الكاتب أن يقرأ العمل الأدبي بعقل مفتوح ويرى ما الذي يستهويه منه ويدون ملاحظاته وانطباعاته ويعاود القراءة مرة أخرى ويصحح ويحذف ويضيف لما كتبه. وعند الاطمئنان تماماً يقفل صفحات العمل الأدبي ولا يفتحها مرة أخرى كيلا تصبح رقيباً يعرقل خطواته وتحد من حريته، فليس على الكاتب أن يلتزم بالنص الأدبي وإنما يجب أن يلتزم بما أعجبه واستهواه، وما وجده مساعدا في الخروج بصورة معبرة وفيلم جيد، سواء كان ذلك في البناء القصصي أو الشخصيات أو المضمون أو البيئة أو الحوار.
تمصير القصص الروائية الأجنبية:
قد يختار الكاتب عملاً أدبياً أجنبياً ويقوم بتحويله إلى نص عربي بالعامية المصرية، وهو ما يطلق عليه "تمصير" العمل الأدبي الأجنبي. والتحويل هنا لا يكون فقط بتغيير أسماء الأبطال وأماكن أحداث القصة، وانما باختيار الزمن المناسب للقصة وتغيير الأحداث الدرامية التي قد لا تتفق مع العادات والتقاليد المحلية.
ثانياً: التاريخ:
يقول نابليون: "تعرف الأمم من تاريخها"، وقد تميزت مصر بتاريخ طويل ملئ بالأحداث السعيدة والأحداث السيئة .. لحظات الفوز وانكسارات الهزيمة .. ثورات وأعمال بطولية .. قصص من الفداء وقصص من الغدر والخيانة، وهذا يعطي للكاتب مادة دسمة في رحلة بحثه عن الفكرة عبر التاريخ المصري ويعطيه مجالاً أكبر في الاختيار.ويتحتم على الكاتب أن يجمع معلومات عن الزمان والمكان والأحداث ويبحث في المراجع والكتب للوقوف على الصورة الكاملة للحدث.وبالرغم من أن الأحداث التاريخية معروفة ومدونة بكل تفصيلاتها، إلا أن الكاتب قد يستطيع أن يعطي لها أبعاداً مختلفة حسب رؤيته الشخصية للحدث وحسب المنظور الذي يعالج الكاتب من خلاله هذا الحدث.
القيود التي توضع على الكاتب عند الاقتباس من الأحداث التاريخية :
ليست هناك قيود على الإبداع، ويمكن للكاتب أن يضيف أو يحذف ما قد يحس بأنه يخدم حبكته الفنية أو قصته السينمائية بشرط ألا يؤثر ذلك على منطقية الأحداث وتسلسلها – بمعنى أن الكاتب لا يستطيع تغيير التاريخ وإنما يمكن أن يركز في الحدث التاريخي على جزئية صغيرة ويبرزها دون النقل الصريح للأحداث التاريخية فقط . كما يمكن للكاتب أن يستعين بالأحداث التاريخية كأساس يبني عليه قصته التي يعالج فيها مشاكل الوقت الحالي وذلك مصداقاً للقول المأثور بأن "التاريخ يعيد نفسه".
ثالثا: الأسطورة:
الأساطير من المصادر الهامة للإبداع السينمائي، فهي تحوي الكثير من الأنماط الأساسية التي يعتمد عليها فن القص، مثل نمط الحب (قيس وليلى، روميو وجولييت)، نمط العودة (سنوحي)، نمط الانتقام (أوديب)، إلخ. بالإضافة إلى ما نجده فيها من خيال غني خصب، واحتوائها على إمكانية للولوج إلى مناطق رائعة من الإبداع. وربما تكون الأساطير غير واقعية، إلا أنها ترضي أذواق ومشاعر الكثيرين، فهي القصص التي نشأت عليها البشرية، ويميل الإنسان إلى استعادتها مرات حتى لو لم يصدقها.
ومن ناحية أخرى، يمكن أن يكون ما يبتدعه الكاتب من خياله له أصل قديم مأخوذ عن حوادث خرافية أو أساطير أو ملاحم توارثتها الأجيال .. مثل قصص آلهة الفراعنة أو أساطير بدء الخليقة وما شابه ذلك. وقد يستلهمه الكاتب في قصص متميزة مليئة بالرموز الهامة التي تشير إلى قضايا وأفكار عصرية. ويلجأ بعض الكتاب إلى تضمين الكثير من الأفكار التي يريدون قولها في الأساطير التي يمكن توسيع قماشتها لتتضمن الكثير.
رابعا: الأحداث العامة:
وهي الأحداث التي تنشر بالصحف اليومية والمجلات أو في الأخبار التليفزيونية , وهنا يكون على الكاتب أن يطلع على كل الأخبار والأحداث العامة أولاً بأول لكي يكون مواكبا للتطورات المؤثرة على مجتمعه. والأحداث العامة هي التي لا تخص أشخاصا بعينهم وإنما تحدث للمجتمع كله وتؤثر عليه، مثل الكوارث الطبيعية أو الاقتصادية أو الأحداث السياسية الهامة... وكذلك الأحداث الاجتماعية كصدور قوانين تعالج مسائل اجتماعية وغير ذلك.وهنا تكون مساحة الإبداع أكبر بالنسبة للكاتب فهو لا يعتمد في فكرته على الحدث فقط وإنما على رؤية المجتمع لذلك الحدث وتقبله له وتأثيره عليه.فإذا أخذنا مثالا زلزال القاهرة في التسعينيات , فيمكن للكاتب استغلال هذا الحدث العام في استنباط فكرة رئيسية تبني عليها عدة أفكار فرعية تمثل انطباعات وآراء عن هذا الحدث وتأثيراته على مجموعة من أفراد المجتمع.
خامسا: المشاهدات اليومية المعاشة:
من أهم سمات كاتب السيناريو قوة الملاحظة وقوة منطق التحليل .. ولذلك فإن الكاتب يستطيع استلهام أفكاره من مشاهداته اليومية أو الأحداث الخاصة به .. على أن يحاول التجرد من مشاعره الخاصة قدر الإمكان لأن حكمه في هذه الحالة سيكون مختلفاً عن حكم العامة من الناس.وعليه أن يقترب من موقع الأحداث ـ إذا كان حاضراً لها ـ وأن يسمع وجهات نظر المحيطين بالحدث ويراقب ردود أفعالهم ويقوم بتحليل تلك المشاهدات وتدوينها بعد ذلك.
ويفضل أن يدون الكاتب ـ في نوتة أو كشكول ـ بعضاً من مشاهداته اليومية أو الأحداث التي يعيشها أو كل ما يلفت نظره من غريب وطريف وذلك دون ترتيب أو تبويب أو اختيار.. ومع الزمن سيصبح لدى الكاتب أكثر من نوتة أو كشكول وعليه أن يقلب صفحاتها ويقرأ ما بها بين الحين والآخر، وسيجد فيها ذخيرة هائلة تفيده في عمله، وقد يجد نواة تصلح لعمل سينمائي جيد.
سادسا: االتجارب الذاتية:
يمكن الاقتباس من الحياة الخاصة للكاتب، ولكن يجب أن نأخذ في الاعتبار أنه مهما كان الحدث الشخصي في حياة الكاتب هاماً بالنسبة له فليس بالضرورة أن يكون هاماً لجمهور الناس، وعلى ذلك فالاقتباس من الحياة الشخصية للكاتب يجب أن يشمل ما يراه مؤثراً في المجتمع دون الانغماس في تفصيلات خاصة لا يرى أهميتها سوى الكاتب نفسه. ولابد أن تكتب التجربة الشخصية بحياد كامل، مع مراعاة الموضوعية وإظهار وجهات النظر المخالفة له.
سابعا: الخيال والفانتازيا :
قد تكون الأفكار خيالية وخارجة عن المألوف، وهو ما نسميه بالفانتازيا. ويمكن أن يحتوي هذا المصدر الكثير من الأفكار الرائعة والمختلفة، ومن هذا النوع أفلام مثل طرزان، ولكن أيضا يمكن أن يكون الخيال شديد الاقتراب من الواقع حتى يمكن أن يصدقه المتفرج. وبعض أفكار الفانتازيا تستمد من أصول واقعية أو تاريخية أو أسطورية، مع تطويرها وإدخال الخيال إليها بشكل يبعدها عن الأصل الذي استمدت منه.
وقد يكون الخيال علمياً وهو ما يبتدعه الكاتب معتمدا على أصل علمي موجود بالفعل وما يتخيله الكاتب من تطور يحدث لهذا الشئ.. مثل التطور في تكنولوجيا الحاسب الآلي التي تستغل في أفلام الفضاء وحرب الكواكب وما شابهها. ولكي تصل أفلام الخيال العلمي إلى المصداقية، تحتاج لكاتب على إلمام علمي حقيقي بالموضوعات التي يتناولها.
وقد يكون الخيال مزيجاً من الاثنين .. فالأصل العلمي موجود إلا أن التطور الذي يبتدعه الكاتب يكون خياليا.. مثل أفلام العودة بالزمن , أو السفر إلى المستقبل وما إلى ذلك.
وقد يبتدع الكاتب فكرة خيالية (فانتازيا) وهي الفكرة التي تعتمد على المبالغة الشديدة جدا، والتي ليس لها مثيل من حوادث وأشياء حقيقية تحدث في مجتمعنا .. مثل أفلام تصور معاناة الشعوب من حكامهم بشكل خيالي يخرج عن الحد الطبيعي. ويراعى الكاتب هنا تبرير ما يحدث من خيال بالشكل الذي يجعل جمهور المشاهدين يصدق ما يحدث ويعتبره حقيقياً.
ثامنا: مصادر أخرى:
"فاتت جنبنا أنا وهو .. وضحكت لنا أنا وهو .. أعرف منين أنها قصداني أنا مش هو..." 
مطلع أغنية للعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ .. يتضح فيها الجانب التصويري أكثر من الجانب الأدبي الساكن. فقد تحتوي الأغنية أو القصيدة الشعرية على أحداث درامية وجوانب تصويرية يستلهم منها الكاتب أفكاره السينمائية.
وقد تأتي الفكرة من مثل شعبي أو سيره شعبية "اقلب القدرة على فمها تطلع البنت لأمها"، وهو مثل شعبي قامت عليه عدة أفلام سينمائية ووجد فيه كتاب كثيرون مادة غنية بالأفكار.
ولم تنته بعد مصادر الاقتباس .. فالحلم إذا جاء للكاتب قد يكون ملهماً .. والمكان الغريب قد يوحي بفكرة .. والأسم الطريف قد يكون كذلك.
وفي النهاية يكون على الكاتب ـ بعد اختياره للفكرة من أحد المصادر السابقة أو غيرها ـ أن يطورها وينقيها من الشوائب ويضيف ويحذف منها ما يكفل الموضوعية والتسلسل المنطقي حتى يصل بها الى صورتها النهائية التي تجعله يستطيع إيهام جمهور المشاهدين بتصديق ما يحدث أمامهم والتأثر به.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق